هدم “كاسا دي بيسكا” يُعمّق جراح الذاكرة الجماعية بالناظور

ازري بريس – متابعة
في خطوة فجعت قلوب ساكنة الناظور وعشاق التراث المحلي، أُجهز هذا الأسبوع على البناية التاريخية المعروفة بـ“كاسا دي بيسكا”، التي تعود جذورها إلى أربعينيات القرن الماضي، باعتبارها أحد الشواهد المادية القليلة المتبقية من فترة الاستعمار الإسباني، ومَعْلَماً ارتبط بذاكرة المدينة الثقافية والاجتماعية.
شُيّدت “كاسا دي بيسكا” في الأصل كمركز اجتماعي وثقافي لفائدة الجالية الإسبانية المقيمة آنذاك، تحت إشراف جمعية الصيد والقنص، وكانت تستضيف طيلة عقود فعاليات متعددة جمعت بين الترفيه والثقافة. وبعد الاستقلال، تحوّلت البناية تدريجيًا إلى حانة يرتادها بعض نخب المدينة، قبل أن تسقط في الإهمال وتُغلق لسنوات.
ورغم أن السلطات المحلية – في عهد العامل السابق العاقل بنتهامي – امتنعت عن المصادقة على قرار الهدم، فقد تغيّرت الأمور مؤخرًا بعد انتقال ملكية العقار إلى يد الخواص، ما منح المالك الجديد الصلاحية القانونية الكاملة لإصدار قرار الهدم دون الرجوع إلى أية جهة تراثية أو ثقافية.
وأكدت مصادر محلية أن البناية لا تدخل ضمن الملك الجماعي أو الممتلكات العمومية، وهو ما فتح الباب أمام تصفية واحدة من آخر المعالم التي تختزل حقبة كاملة من التحولات العمرانية والاجتماعية التي عرفتها الناظور.
رحيل “كاسا دي بيسكا” ليس مجرد عملية هدم، بل يُعد ضربة موجعة故 لذاكرة المدينة وسؤالاً مؤرقاً يُطرح مجددًا حول مصير الموروث المعماري والتاريخي في ظل غياب رؤية واضحة لحماية التراث وتثمينه، في مدينة باتت تفقد ملامحها الأصيلة شيئًا فشيئًا.