أخبار عامة

إعادة فتح المعابر التجارية مع سبتة ومليلية.. مقاربة سيادية في خدمة التنمية

ازري بريس – متابعة

أعادت السلطات المغربية فتح المعابر التجارية المؤدية إلى سبتة ومليلية، بعد تعليق مرحلي دام لأسابيع تزامن مع ذروة حركة العبور الصيفية. ويأتي هذا القرار في إطار رؤية سيادية شاملة تسعى إلى إعادة تنظيم المبادلات التجارية مع المدينتين المحتلتين وفق منهج تدريجي يأخذ بعين الاعتبار الاعتبارات الميدانية والرهانات الاقتصادية والأمنية.

خلال موسم الصيف، ومع التدفقات البشرية الكبيرة التي تعرفها عملية مرحبا عبر المضيق، فضّلت الرباط إيقاف الأنشطة الجمركية بشكل مؤقت حفاظا على سلاسة الحركة وضمان انسيابية مرور المسافرين، قبل أن تعيد تفعيل الجمارك التجارية مع بداية الخريف.

هذا التوجه لا يُقرأ كخطوة ظرفية، بل كترسيخ لمقاربة مؤسساتية تجعل من المعابر البرية فضاءات سيادية تخضع لتدبير تقني وأمني متواصل. فالمغرب لم يعد يتعامل مع هذه النقاط كقنوات استثنائية، بل كبنى استراتيجية يجري تقييمها باستمرار وفق التحولات الاقتصادية والأمنية.

ومنذ سنوات، تعمل الرباط على ضبط العلاقة الاقتصادية مع سبتة ومليلية عبر الخروج التدريجي من منطق التهريب غير المهيكل، وتعويضه بمنظومة تبادل منظمة مؤطرة بالقانون. وقد تُرجم ذلك في إجراءات عملية شملت إغلاق المعابر المخصصة للحمل اليدوي، واعتماد بوابات جمركية رسمية، إلى جانب مراقبة عمليات تصدير محددة بشكل مباشر من طرف المصالح المختصة.

وتندرج إعادة فتح المسارات التجارية بعد انتهاء موسم الصيف ضمن هذا الإطار الاستراتيجي الأوسع، الذي يربط إعادة ترتيب العلاقة مع الثغرين المحتلين بالسياسات التنموية الوطنية. ويبرز في هذا السياق الدور المتنامي لمشاريع الشمال الكبرى، وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط ومنطقة الفنيدق الاقتصادية، التي أصبحت تستقطب جزءا مهما من الحركة التجارية.

وتؤكد السلطات المغربية أن تدبير المعابر يتم بعيدا عن أي حسابات سياسية آنية أو ردود فعل ظرفية، بل في إطار رؤية مؤسساتية صلبة تهدف إلى حماية الاقتصاد المحلي وتحصين الأمن الجمركي. فالمعالجة الهيكلية لهذه النقاط الحدودية باتت جزءا من مسار طويل يكرس مفهوم السيادة ويؤسس لنمط جديد من العبور قائم على الشفافية والمراقبة.

وبينما يواصل بعض الإعلام الإسباني تأويل القرارات المغربية كرسائل سياسية، يظل المؤشر الأبرز داخليا هو ثبات المرجعيات وتناسق مسار الضبط، بما يجعل إعادة فتح المعابر التجارية خطوة أخرى في اتجاه بناء منظومة وطنية متماسكة تعكس اختيارات المملكة الاستراتيجية في الشمال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى