أخبار عامة

اعتداء عنصري يُفجّر التوتر في توري باتشيكو بإسبانيا: الجالية المغربية بين مطرقة الإدانة وسندان التحريض

ازري بريس – متابعة

شهدت مدينة توري باتشيكو التابعة لإقليم مورسيا الإسباني، خلال الأسبوع الجاري، حادثة صادمة تمثّلت في اعتداء عنيف استهدف مسنًا إسبانيًا يُدعى “دومنغو” يبلغ من العمر 68 عامًا، على يد أربعة شبان يُعتقد أنهم من أصول مغربية، ما أثار موجة من الغضب الشعبي، وانزلاقًا خطيرًا نحو حملات تحريض ضد الجالية المغربية المقيمة بالمنطقة.

ووفق ما أوردته وسائل إعلام محلية، فقد جرى الاعتداء بشكل مفاجئ دون سابق خلاف مع الضحية، إذ قام المعتدون بتوثيق الواقعة بهواتفهم في مشهد استعراضي بهدف نشره على منصة “تيك توك”، ما زاد من بشاعة الفعل ووحشيته.

وقد تمكنت الشرطة الإسبانية من توقيف أحد المشتبه فيهم، فيما تتواصل عمليات الملاحقة لباقي المتورطين وسط تعبئة أمنية واسعة، وتنديد رسمي بالفعل الذي وُصف بـ”المنعزل وغير المبرر”.

غير أن تداعيات الحادث لم تتوقف عند حدود الجريمة ذات الطابع الفردي، إذ سرعان ما تحوّلت إلى موجة غضب واسعة غذّتها أطراف يمينية متطرفة، خاصة حزب “فوكس”، الذي استغل الحادث لتأجيج مشاعر العداء والمطالبة بطرد المهاجرين، مع التركيز على الجالية المغربية، التي تُعد من كبرى الجاليات بالإقليم.

وقد رُصدت خلال الساعات الأخيرة اعتداءات متفرقة على ممتلكات المغاربة ومحاولات ترهيب في الشوارع، في سيناريو يُعيد إلى الأذهان أحداث “إل إيخيدو” سنة 2000، حين انفجرت أعمال عنف عرقية واسعة النطاق في جنوب إسبانيا.

ردود فعل متنوعة بين التنديد والدعوة إلى التهدئة

من جهتهم، عبّر فاعلون جمعويون ومنظمات حقوقية مغربية وإسبانية عن إدانتهم الشديدة للاعتداء، وأكدوا في الوقت نفسه على رفض أي شكل من أشكال التعميم أو الربط بين تصرف فردي وجماعة بأكملها.

كما شددت هذه الجهات على أن الجريمة، رغم فداحتها، يجب أن تُواجه في إطار القانون، دون الانجرار إلى خطاب التحريض أو تغذية الكراهية بين مكونات المجتمع.

وفي السياق ذاته، دعت هيئات مدنية إلى تعزيز ثقافة التعايش المشترك، وفتح نقاش مسؤول حول سبل دمج المهاجرين ومواجهة التطرّف بجميع أشكاله، سواء كان دينيا أو عرقيا أو سياسيا.

السلطات الإسبانية: لا تساهل مع الجريمة ولا مع التحريض

السلطات المحلية والإقليمية، من جانبها، أعلنت حالة استنفار في عدد من الأحياء الحساسة، حيث جرى تعزيز الحضور الأمني تفادياً لأي انزلاق أمني.

أما وزارة الداخلية الإسبانية فقد أكدت، في تصريحات صحفية، على ضرورة التعامل الصارم مع مرتكبي الجريمة، إلى جانب التصدي بحزم لأي دعوات تحريض أو أفعال عنصرية تمس بالسلم المجتمعي.

عمدة مدينة توري باتشيكو عبّر بدوره عن “صدمته الشديدة” من الحادث، داعيًا إلى التهدئة ورفض استغلال الواقعة لتصفية حسابات سياسية أو إذكاء الأحقاد، مشددًا على أن مدينته يجب أن تظل نموذجًا للتعايش وليس ميدانًا للصراعات.

في انتظار نتائج التحقيقات، تبقى الجالية المغربية في توري باتشيكو تحت وطأة الترقب والخوف، وسط آمال بتغليب الحكمة وتعزيز أسس الاحترام المتبادل، في مواجهة موجة تحريض تهدد بانفلات اجتماعي لا يخدم أحدًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى