أخبار عامة

التحقيق في شبكة تلاعبات جمركية: استغلال خطير لنظام القبول المؤقت

ازري بريس – محمد بنعمر

باشرت الفرقة الوطنية للجمارك تحقيقات موسعة حول شبهات تلاعبات كبرى ارتكبها مستوردون عمدوا إلى استغلال نظام “القبول المؤقت” لاستيراد أقمشة خام من دول مثل الصين وتركيا وماليزيا، دون احترام الشروط القانونية التي تلزم بإعادة تصدير هذه المواد بعد تصنيعها. التحقيقات الأولية كشفت عن تسرب كميات ضخمة من هذه المنتوجات المعفاة من الرسوم إلى السوق المحلي، وهو ما كبّد الخزينة العمومية خسائر جمركية تقدر بمليارات الدراهم، خصوصا بعد ضبط شحنات كبيرة في وحدات إنتاج سرية بالدار البيضاء وطنجة.

الفرقة الوطنية استندت في تحركاتها إلى معطيات دقيقة وفّرتها خلية تحليل المخاطر، وأشّرت على نشاط شركات ظهرت فجأة في السوق ثم اختفت بعد تنفيذ عدد محدود من عمليات الاستيراد، تركزت غالبيتها في ميناء الدار البيضاء. وتم فتح عمليات افتحاص واسعة لملفات الاستيراد خلال السنوات الأربع الماضية، مرفوقة بمراجعة مستندات التخزين والإهلاك والتصدير، في إطار رصد كل الخروقات المحتملة.

وقد تمكنت فرق المراقبة من تحديد خمس شركات في مرحلة أولى، يشتبه في تورطها في استيراد أقمشة تحت غطاء تصنيع الملابس الجاهزة وإعادة تصديرها إلى دول عربية وإفريقية. غير أن التحقيقات أظهرت أن هذه الشركات لم تكن سوى واجهات شكلية، استُعملت للحصول على امتيازات الإعفاء الضريبي، ليتم لاحقاً بيع تلك الأقمشة داخل السوق الوطني، وبالخصوص في السوق السوداء المرتبطة بالقطاع غير المهيكل لصناعة النسيج.

ويخضع نظام القبول المؤقت، كغيره من الأنظمة الاقتصادية المعتمدة من طرف إدارة الجمارك، لمراقبة دقيقة عبر النظام المعلوماتي المتطور “بدر”، الذي يعتمد على خوارزميات ذكية ترصد الحالات المشبوهة، إلى جانب التحريات الميدانية. وقد تم في هذا السياق تعزيز آليات الرقابة بمختبر رقمي لتحليل المخاطر، يستعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويمكّن من تتبع التصريحات الجمركية للمستوردين ومقاطعتها مع بيانات جمركية أجنبية للتحقق من الفواتير والأسعار المصرح بها.

كما أشارت المعطيات المتوفرة إلى أن بعض المتورطين في هذه الشبكة عمدوا إلى إنشاء مقاولات صغيرة بأسماء أشخاص آخرين، ثم استخدموها لتنفيذ عمليات الاستيراد، قبل أن ينسحبوا تاركين “المسيرين” في مواجهة المتابعات القانونية والجمركية، مما أدى إلى إغلاق هذه المقاولات فجأة، دون استكمال المساطر القانونية المتعلقة بتصفيتها.

التحقيقات ما زالت متواصلة، وسط توقعات بتوسيع دائرة المراقبة لتشمل فاعلين اقتصاديين آخرين قد يكونون ضالعين في هذه العمليات المشبوهة، التي تُعد من أبرز قضايا الغش الجمركي خلال السنوات الأخيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى