الجزائر تُقر قانون “التعبئة العامة”: استنفار استراتيجي في محيط إقليمي مضطرب

ازري بريس – متابعة
في خطوة تُنذر بتحول استثنائي في السياسة الدفاعية الجزائرية، صادق مجلس الوزراء، برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، على مشروع قانون “التعبئة العامة”، في لحظة إقليمية دقيقة تتسم بتصاعد التوترات وتداخل الأزمات الداخلية والخارجية، ما يُوحي بإعلان غير مباشر عن دخول البلاد مرحلة “الاستنفار الاستراتيجي” الشامل.
ورغم أن الرواية الرسمية تُقدّم القانون باعتباره تفعيلًا دستوريًا لمقتضيات المادة 99 من الدستور، إلا أن السياق الذي جاء فيه – في ظل عزلة إقليمية وتراجع في شبكة التحالفات التقليدية للجزائر – يبعث برسائل مقلقة حول جاهزية الدولة للانتقال من منطق التدبير السياسي إلى منطق المواجهة الشاملة.
وبحسب بيان رئاسة الجمهورية، فإن القانون يرمي إلى “تحديد آليات التعبئة وتنظيمها وتنفيذها”، ليس فقط في أوقات الحرب أو التهديدات الكبرى، بل حتى في الحالات المدنية مثل الجوائح والأزمات الصحية، مما يوسع دائرة المستنفرين لتشمل الأطباء والمهندسين وموظفي القطاعات الحيوية، وليس العسكريين فقط. أي أننا أمام قانون لا يكتفي بترتيبات دفاعية تقليدية، بل يُهيكل منظومة “تعبئة دولة” بكل مؤسساتها ومواردها.
وتنص المادة 99 من الدستور على أن رئيس الجمهورية هو من يملك صلاحية إعلان التعبئة، بعد استشارة المؤسسات العليا الأمنية والتشريعية، فيما تمنحه المادة 100 صلاحية إعلان الحرب وتعليق العمل بالدستور في حالة تعرض البلاد لعدوان وشيك، ما يضعنا أمام سلطة تنفيذية تتجه نحو توسيع نفوذها الكامل تحت ذريعة “الخطر الداهم”.