الفلاحة الغابوية في مواجهة التحديات المناخية: رؤية إفريقية للأمن الغذائي مع اقتراب “كوب 30”

ازري بريس – محمد بنعمر
تتواصل فعاليات الملتقى الدولي للفلاحة بمدينة مكناس، حيث تركز المناقشات على “الفلاحة الغابوية” في سياق تعزيز “المرونة المناخية” في إفريقيا. في هذا السياق، اجتمع وزراء الفلاحة من مختلف الدول الإفريقية اليوم الأربعاء، ليؤكدوا على أهمية وضع “رؤية إفريقية للأمن الغذائي والتنمية المستدامة”، وتدعيم موقف القارة في المفاوضات المناخية، خاصة في ظل اقتراب مؤتمر الأطراف “كوب 30” الذي سيُعقد في البرازيل.
تأتي هذه المناقشات ضمن فعاليات الدورة الخامسة للمؤتمر الوزاري السنوي لمبادرة تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية (AAA). في هذا السياق، عرضت المائدة المستديرة العلمية، التي انعقدت يوم 22 أبريل، موضوع “الفلاحة الغابوية في خدمة الأمن الغذائي والمرونة المناخية في إفريقيا: ربط العلم بالسياسة”، بما يعكس أهمية البحث العلمي في دعم السياسات الزراعية المستدامة.
المرونة المناخية: تحديات وآفاق
أوضح أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بصفته رئيس المبادرة، أن القارة الإفريقية تواجه تحديات بيئية كبيرة، حيث ترتفع درجة حرارة الأرض في إفريقيا بمعدل أسرع من المتوسط العالمي، ما يهدد المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي. وفي هذا الإطار، شدد على ضرورة أن تتبنى إفريقيا مواقف قوية في مؤتمر “كوب 30”، حيث يعد هذا المؤتمر فرصة لتعزيز مواقف القارة بشأن التغير المناخي.
وأشار البواري إلى أن مبادرة التكيف الزراعي، التي أطلقها الملك محمد السادس، تهدف إلى تعزيز قدرة الفلاحة الإفريقية على التكيف مع التغيرات المناخية من خلال جمع الحكومات والمؤسسات المالية والباحثين حول رؤية مشتركة.
الفلاحة الغابوية: استجابة إفريقية مستدامة
في هذا السياق، اعتُبرت الفلاحة الغابوية بمثابة استراتيجية متكاملة، لا تقتصر فقط على تحسين الإنتاج الزراعي، بل تمتد لتشمل حماية البيئة وتعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية. ووفقًا للبواري، فإن الفلاحة الغابوية “أكثر من مجرد تقنية، إنها رؤية لمستقبل الزراعة في إفريقيا”، وهي تشكل ركيزة أساسية في سياسات التنمية المستدامة.
وتُعتبر هذه الممارسات بمثابة “حلول عملية” لدعم الزراعة المستدامة وحماية الموارد الطبيعية، ما يعزز قدرة القارة على التكيف مع التغيرات المناخية. وقد تتجسد هذه الاستراتيجيات في مبادرات كبرى مثل “السور الأخضر العظيم” في منطقة الساحل، مما يعكس قدرة التحالف بين الطبيعة والزراعة على إحداث تحول بيئي واقتصادي في القارة.
التقنيات الحديثة في الزراعة: الذكاء الاصطناعي في خدمة المستقبل
تطرق عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، في كلمته إلى دور التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي في تعزيز الكفاءة الزراعية. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يوفر للمزارعين أدوات متقدمة لتحسين غلة المحاصيل من خلال تقنيات الزراعة الدقيقة التي تساعد في استخدام المياه والمبيدات بشكل أكثر كفاءة.
وأشار إلى أن التقنيات الحديثة، مثل الطائرات الذكية وأجهزة الاستشعار، تقدم رؤى دقيقة في الوقت الفعلي عن صحة التربة، مما يساعد على تحسين ممارسات الإدارة المستدامة للأراضي. في الوقت ذاته، أكد على أهمية دمج هذه التقنيات مع الاستراتيجيات المناخية لتحقيق الأمن الغذائي في القارة.
مؤتمر مكناس: منصة للمضي قدمًا نحو التنمية المستدامة
يعد المؤتمر الوزاري منصة هامة لتنسيق الجهود بين دول القارة الإفريقية من أجل تعزيز قدرة الفلاحة على مواجهة التحديات المناخية. ويعتبر المنظمون أن نجاح هذه المبادرات يعتمد على تفعيل الحلول العلمية والتقنية في سياسات التنمية الزراعية، مع التأكيد على ضرورة دعم التمويل المناخي لاستدامة الفلاحة الغابوية في إفريقيا.
في هذا السياق، يشهد الملتقى نقاشات حيوية حول ضرورة تبني استراتيجيات مشتركة لدعم الفلاحة المستدامة، مع التركيز على تعزيز المرونة المناخية للأجيال القادمة.