أخبار عامة

“المسجد العتيق” بالحسيمة: معلمة تاريخية وروحية شاهدة على ذاكرة المدينة

ازري بريس – متابعة

يعد “المسجد العتيق” في مدينة الحسيمة واحدًا من أقدم وأشهر المساجد في المنطقة، حيث يعود تأسيسه إلى عام 1933. يتميز هذا الصرح الديني بطراز معماري فريد يعكس أصالة التراث الإسلامي، وقد شهد منذ تشييده مجموعة من الأحداث التاريخية التي جعلت منه مركزًا حيويًا للأنشطة الدينية والاجتماعية والعلمية في المدينة.

يعتبر المسجد العتيق، الذي يحظى بمكانة خاصة لدى سكان الحسيمة وزوارها، منارة دينية وروحية تشرئب إليها أفئدة وقلوب المصلين في كل وقت صلاة. ومنذ تأسيسه، كان هذا المعلم التاريخي شاهداً على تطور المدينة، ومركزًا يجمع بين العبادة والأنشطة الثقافية والتعليمية. واعترافًا بمكانته العميقة في الذاكرة الجماعية للمدينة، تم ترميمه وتوسيع مساحته بمرور الوقت، لتظل هذه المعلمة شامخة وتحتفظ بخصوصيتها التراثية.

وفي تصريح خاص لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال محمد فهيم، المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بالحسيمة، إن المسجد العتيق لم يكن مجرد مكان للعبادة، بل كان وما يزال مركزًا رئيسيًا للحياة الاجتماعية والعلمية والثقافية. وأشار إلى أن المسجد كان يحتضن حلقات لتحفيظ القرآن الكريم ودروسًا في الفقه والحديث، مشيرًا إلى دور المسجد في نشر الوعي الديني في المنطقة بعد إغلاق المعهد الديني في آيت بويعقوب بتمسمان.

وأوضح محمد فهيم أن بناء المسجد تم تحت إشراف جهة غير معروفة تمامًا، لكن هناك مصادر تشير إلى أنه قد تم ببادرة من مولاي الحسن بن المهدي. وذكر أن المسجد كان يحتوي على داخلية لإيواء الطلبة الذين كانوا يواصلون دراستهم فيه.

في عام 1985، أمر الملك الراحل الحسن الثاني بتوسيع المسجد وتجديد صومعته لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المصلين، حيث أضافت هذه التوسعة حوالي 600 متر مربع ليتمكن المسجد من استيعاب حوالي 1200 مصلٍ. وقال محمد أورياغل، رئيس المجلس العلمي المحلي بالحسيمة، إن المسجد أصبح معلمًا دينيًا بارزًا يحتفل فيه بالمناسبات الدينية والوطنية، كما أشار إلى أن الفقيه محمد بن حدو الغلبزوري كان أول إمام للمسجد في الثلاثينيات.

وأشار رئيس المجلس العلمي أيضًا إلى أن المسجد حظي بعناية ملوك الدولة العلوية الشريفة، حيث تم ترميمه وصيانته في عهد الملك الحسن الثاني، وتواصلت هذه العناية في عهد الملك محمد السادس. ومن أبرز التعديلات التي تمت مؤخرًا بناء قاعة للنساء لتعليم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، في إطار مشروع تأهيل المساجد الذي أطلقه الملك محمد السادس.

ولم يقتصر الاهتمام بالمسجد على التوسع أو الترميم فقط، بل تم الحفاظ على طابعه المعماري العتيق وفنه التقليدي، بحيث أضافت عملية إعادة بناء صومعته رونقًا خاصًا مع الحفاظ على الزخارف التقليدية الفريدة في الزليج والجبس، ما جعل المسجد العتيق يشكل علامة بارزة في تاريخ الحسيمة المعماري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى