المغرب يعزز قبضته على السواحل الشمالية ويُجهض محاولات العبور الفردية نحو سبتة

ازري بريس – محمد بنعمرو
عادت في الأيام الأخيرة بعض المحاولات الفردية للهجرة غير النظامية إلى الواجهة على طول السواحل الشمالية للمغرب، مستفيدة من تحسّن الأحوال الجوية وارتفاع درجات الحرارة. وهي ظروف غالبًا ما تُغري ببعض التحركات الموسمية المعزولة نحو مدينة سبتة المحتلة، عبر البحر.
لكن الواقع على الأرض يرسم صورة مختلفة عمّا تُروّجه بعض الصور المنتقاة في الضفة الشمالية. فالمغرب، من خلال يقظته البحرية المتواصلة، يواصل فرض سيطرته العملياتية على السواحل، حيث تمكن من إحباط أغلب المحاولات في مهدها، مانعًا إياها من الاقتراب حتى من النقاط الحرجة.
وتفيد مصادر ميدانية بأن وحدات البحرية الملكية نفذت خلال الساعات الماضية سلسلة من التدخلات الاستباقية على مسافات بعيدة من الشريط الساحلي، مما حال دون اقتراب عشرات المهاجرين من المعابر المعروفة. هذا التحرك السريع والدقيق أدى إلى تغييرات في سلوك المتسللين، حيث باتوا يتفادون المسارات الكلاسيكية القريبة من معبر تاراخال، مفضلين الانطلاق من نقاط أبعد في محاولة يائسة للالتفاف على الطوق المغربي.
غير أن هذه المحاولات غالبًا ما تنتهي بالفشل قبل أن تتشكل بؤر ضغط حقيقية، بفضل منظومة بحرية متكاملة قادرة على التصدي بشكل مبكر. وفي الوقت الذي تشدد فيه بعض الأجهزة الأمنية الإسبانية من إجراءاتها داخل سبتة، يراهن المغرب على معالجة المشهد من منبعه، عبر مقاربة صامتة وفعّالة لا تقوم على الضجيج الإعلامي، بل على الحضور الفعلي والنتائج الميدانية.
ويرى متابعون أن هذا التحكم المغربي لا يقتصر على الجانب الأمني، بل يمتد إلى التأثير على المشهد العام للهجرة، عبر تقليص جاذبية المسار البحري وإرباك شبكات التهريب، مما يُفقد هذه الأخيرة القدرة على التنظيم والتنسيق.
تجربة المغرب في تدبير ملف الهجرة غير النظامية تثبت أن التحكم في الأرض هو ما يحدد إيقاع الأحداث، لا من يلهث وراء إجراءات لاحقة. ويُقرأ الهدوء المغربي في التعاطي مع موجات العبور كرسالة سيادية واضحة: ضبط المجال لا يحتاج إلى ردود ولا إلى تبرير، بل إلى تموقع راسخ وقدرة على توجيه السياق.
هذا التموقع لا يقتصر على الجانب البحري فقط، بل يشمل أيضا التحكم في المعطى البشري، من خلال مبادرات اجتماعية وتنموية تستهدف الفئات المعنية، وتُوفر بدائل حقيقية عن الهجرة.
في المقابل، تحاول بعض المنابر الإعلامية في الضفة الشمالية تضخيم حالات معزولة، مُقدمة إياها كاختراقات، بينما تغفل أن الغالبية الساحقة من تلك المحاولات لا تقترب حتى من الخطوط الحرجة. ويُنظر إلى هذا التهويل، بحسب مراقبين، كتعويض رمزي عن غياب أدوات فعلية للتحكم.
فالمعادلة الجديدة لضبط الهجرة لم تعد تُقاس بعدد من تم اعتراضهم، بل بمدى القدرة على الحيلولة دون ظهور تلك الحالات أصلًا. وفي هذا السياق، يبدو أن الطرف الآخر لا يملك سوى ردود فعل محدودة في مواجهة مشهد تعيد الرباط رسم ملامحه بصمت وفعالية