المغرب يُسخّر الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة لمكافحة حرائق الغابات وتقليل الخسائر

ازري بريس – محمد بنعمرو
خلال السنوات الأخيرة، اعتمد المغرب بشكل متزايد على التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لرصد حرائق الغابات ومواجهتها، في خطوة أسهمت في تقليص عدد الحرائق وتخفيف تداعياتها على الغطاء الغابوي والبيئة.
وتغطي الغابات حوالي 12 بالمئة من مساحة البلاد، ما يجعلها عرضة سنويًا لموجات من الحرائق، خصوصًا خلال فصلي الربيع والصيف. في مواجهة هذا التحدي، وظّفت المملكة طائرات مسيّرة، وأجهزة استشعار أرضية مدعومة بإنترنت الأشياء، وكاميرات ذكية قادرة على كشف الدخان وارتفاع درجات الحرارة في وقت مبكر.
رصد مبكر وتدخل سريع
ويبرز الخبير المغربي في البيئة مصطفى بنرامل، أهمية هذه الأدوات التقنية في تحسين قدرات الرصد المبكر، معتبراً أن الذكاء الاصطناعي أصبح من أبرز نقاط القوة في عمليات التدخل. ويوضح أن هذه التكنولوجيا تحلل البيانات القادمة من الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة وأجهزة الاستشعار لتوقع اندلاع الحرائق وتتبع مسارها وسرعة انتشارها.
وأكد بنرامل أن الأقمار الصناعية تتيح رصداً جوياً شاملاً للتغيرات في الغطاء النباتي ودرجات الحرارة، فيما تُمكّن الكاميرات الحرارية المثبتة على الطائرات المسيّرة من تحديد النقاط الساخنة بدقة، ما يسمح بتدخل أسرع وأكثر فعالية.
نتائج ميدانية مشجعة
وبحسب المعطيات الرسمية، ساهم هذا التوجه التكنولوجي في تقليص المساحات المتضررة من الحرائق إلى 870 هكتاراً سنة 2024، مقارنة بـ6426 هكتاراً في 2023، وهو ما يؤكد فعالية التدخلات الجديدة.
من جهتها، تُنفذ الوكالة الوطنية للمياه والغابات خطة عمل سنوية لمحاربة حرائق الغابات، ترتكز على الوقاية والكشف والإنذار والتدخل، بالتعاون مع جهات متعددة، منها الوقاية المدنية، القوات المسلحة الملكية، الدرك الملكي، السلطات المحلية، ووزارة التجهيز والنقل.
وتشمل تدابير الوقاية تثقيف المواطنين، وتنقية محيط الطرق وخطوط الكهرباء من الأشجار القابلة للاشتعال، فضلاً عن إنشاء خرائط للمناطق الأكثر عرضة للخطر.
معدات حديثة وشراكات متعددة
وفي مرحلة المواجهة، تعمل الوكالة على تزويد وحدات الإطفاء بالمعدات الأساسية، واقتناء طائرات متخصصة في إخماد النيران. كما ساهمت في تجهيز المطارات والقواعد الجوية في طنجة، الناظور، تازة، فاس، والقنيطرة، بالبنية التحتية اللازمة للتدخل السريع.
أما بعد الحريق، فيُعتمد على الطائرات المسيّرة والأقمار الصناعية لرسم خرائط دقيقة للمناطق المتضررة وتقييم الأضرار، وهو ما يُسهل عمليات التعافي وإعادة التأهيل البيئي.
نحو آفاق مستقبلية ذكية
ويؤكد بنرامل أن المغرب يتجه نحو تطوير روبوتات ذكية قادرة على دخول المناطق الخطرة، لرصد الغازات السامة والمساهمة في الإطفاء، وهو ما من شأنه تقليل المخاطر على رجال الإطفاء، ورفع فعالية الاستجابة.
كما شدد على ضرورة توجيه الاستثمارات نحو تعميم استخدام التكنولوجيا، لما لها من دور في تحسين التنسيق الميداني، وتوجيه الموارد بشكل دقيق، بناءً على معطيات لحظية عن تطور الحريق.
ويبرز المغرب بذلك كأحد النماذج الإقليمية في استخدام التقنيات الحديثة لحماية بيئته من الكوارث الطبيعية، في مسار يستفيد من الذكاء الاصطناعي لتعزيز جاهزية الدولة ورفع منسوب الأمان البيئي.