ميناء الناظور غرب المتوسط.. مشروع استراتيجي يُعيد رسم ملامح التنمية بجهة الشرق

ازري بريس – متابعة
في تحوّل اقتصادي غير مسبوق تعرفه جهة الشرق، يبرز مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط كأحد الأوراش الملكية الكبرى التي ستُحدث نقلة نوعية على مستوى البنيات التحتية والتوازنات الاقتصادية بالمملكة، مستندًا إلى رؤية استراتيجية طموحة تُرسّخ موقع المغرب كقوة مينائية ولوجستية في غرب البحر الأبيض المتوسط.
هذا المشروع العملاق، الذي يُنتظر الشروع في استغلاله التجاري مع متم سنة 2026، لا يقتصر على كونه مجرد ميناء بحري ضخم، بل يُعدّ رافعة صناعية ولوجستية شاملة، تهدف إلى خلق منظومة متكاملة تحتضن الأنشطة المينائية، الصناعية، والتجارية، في منطقة حرة تمتد على مساحة شاسعة من جهة الناظور.
بنية تحتية متطورة وأهداف توسعية
بُني ميناء الناظور غرب المتوسط على أسس هندسية حديثة، مستفيدًا من خبرات وكفاءات مغربية خالصة، ويطمح إلى تحقيق قدرة استيعابية تصل إلى 5 ملايين حاوية سنويًا بدلًا من التقديرات الأولية التي حُددت في 3.5 ملايين، بعد قرار تسريع توسيع الرصيف الغربي استجابة للطلب المرتفع قبل حتى بدء الاستغلال.
ويؤكد عزيز يحيى، منسق دراسات وأشغال المشروع، أن الميناء يُجسّد الرؤية الملكية الحكيمة الهادفة إلى تعزيز تنمية جهة الشرق، وتثبيت موقعها في قلب النموذج التنموي الجديد للمملكة. كما يُعد المشروع ثمرة تخطيط مندمج، يمر عبر ثلاث مراحل رئيسية، أنجزت أولها بالكامل والمتعلقة بالبنية التحتية، فيما تجري حاليًا الأشغال الفوقية استعدادًا للانطلاق الرسمي.
خلق فرص الشغل وجذب الاستثمارات
تُراهن المملكة على أن يساهم هذا الميناء في خلق ما بين 80 و100 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في السنوات الأولى من تشغيله، إضافة إلى استقطاب استثمارات تفوق 80 مليار درهم، مما سيساهم في تحفيز دينامية اقتصادية كبرى تشمل جهة الشرق ومناطق مجاورة كفاس ومكناس والحسيمة ودرعة تافيلالت.
ويمتد تأثير المشروع إلى دعم تنافسية المغرب كمركز اقتصادي ولوجستي إقليمي، إذ يتكامل مع ميناء طنجة المتوسط ليشكلا معًا قطبين استراتيجيين في شمال وشرق المملكة، ويستهدفان جذب استثمارات نوعية في قطاعات حيوية، أبرزها صناعة السيارات والطاقات المتجددة، إلى جانب النسيج، الصناعات الكيماوية، والصناعات التحويلية.
نحو تنمية مستدامة وصديقة للبيئة
واستجابةً للتحولات البيئية الدولية، يُعتمد في إنجاز الميناء على تقنيات صديقة للبيئة، تُراعي معايير التنمية المستدامة، بما ينسجم مع التوجهات الوطنية للمملكة في مجال الاقتصاد الأخضر. كما تم تخصيص منطقة صناعية تمتد على 270 هكتارًا ضمن مساحة إجمالية تقدر بـ 800 هكتار مخصصة للأنشطة المتنوعة.
مستقبل جهة الشرق.. في قلب الدينامية الوطنية
بفضل هذا المشروع الاستراتيجي، تقترب جهة الشرق من التحول إلى قطب اقتصادي متكامل، قادر على استقطاب كبريات الاستثمارات الدولية، وتعزيز دور المغرب كمحور اقتصادي إفريقي متوسطي. كما يُنتظر أن يسهم هذا الورش الملكي في تمكين الجهة من لعب دور فاعل في المنظومة الوطنية للتنمية، وتقليص الفوارق المجالية، وتحقيق التوازن في مراكز الثقل الاقتصادي داخل المملكة.
وفي ظل القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، يشكل ميناء الناظور غرب المتوسط أحد الأعمدة الكبرى لرؤية المغرب الجديدة، التي تسعى إلى بناء اقتصاد قوي، منفتح، ومتوازن، يعيد لجهة الشرق مكانتها الاقتصادية، ويجعل منها محركًا أساسيًا للتنمية الشاملة.