محكمة الاستئناف بالناظور تحتضن يوماً دراسياً حول العقوبات البديلة في ضوء القانون الجديد

ازري بريس – محمد زريوح
شهدت قاعة الندوات بمحكمة الاستئناف بالناظور تنظيم يوم دراسي حول موضوع “العقوبات البديلة في ظل القانون رقم 43.22”، بحضور شخصيات قضائية وإدارية وفاعلين في مجال العدالة، ضمن لقاء علمي هدفه تعميق النقاش حول مستجدات القانون الجنائي الجديد وتحديات تنزيل هذه الآلية القانونية الحديثة. اللقاء عرف مشاركة وازنة لمكونات أساسية من داخل المنظومة القضائية، على رأسها الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالناظور والوكيل العام للملك لديها، إلى جانب رؤساء المحاكم الابتدائية بالناظور والدريوش، وقضاة تطبيق العقوبات، وأطر كتابة الضبط، وهيئة المحامين بالناظور والحسيمة، وممثلي المؤسسات السجنية، إضافة إلى عدد من المهتمين من المجتمع المدني والإدارة الترابية.
في افتتاح اللقاء، أكد الرئيس الأول للمحكمة على أن العقوبات البديلة تُمثّل تحوّلاً جذريًا في فلسفة العدالة الزجرية بالمغرب، معتبرًا أنها خطوة عملية نحو عدالة إصلاحية أكثر نجاعة، تهدف إلى تحقيق توازن بين حماية المجتمع وإعادة إدماج المحكوم عليهم. وشدد في كلمته على ضرورة تعبئة كل الفاعلين لإنجاح هذا الورش التشريعي الطموح، مشيرًا إلى أن الواقع السجني اليوم يفرض تبني حلول جديدة تُقلل من اللجوء إلى العقوبات السالبة للحرية، خاصة القصيرة منها.
الوكيل العام للملك بدوره أشار إلى أن التنزيل الفعلي للعقوبات البديلة يتطلب بيئة قانونية ومؤسساتية ملائمة، تبدأ بتمكين القضاة وأطر النيابة العامة من تكوين متخصص ودائم، وتنتهي بتوفير بنية تنفيذية قادرة على استيعاب مختلف التدابير التي جاء بها القانون رقم 43.22، من قبيل العمل لفائدة المنفعة العامة والغرامات اليومية والمراقبة القضائية.
تميزت الجلسة بتنوع العروض المقدمة التي عكست زوايا متعددة في تناول موضوع العقوبات البديلة، حيث ركّز مدير السجن المحلي بسلوان على البعد العملي في تنفيذ هذه الآلية القانونية، مبرزًا أثرها المباشر في تخفيف ضغط الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، وأهمية التنسيق مع القضاء لتفعيلها. أما نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالناظور، فقد استعرض بتفصيل الإطار القانوني المنظم للعقوبات البديلة، منبهاً إلى الصعوبات القانونية والعملية التي قد تواجه النيابة العامة عند تكييف الحالات الخاضعة لهذه التدابير.
ومن جانبه، تطرق قاضي تطبيق العقوبات بابتدائية الدريوش إلى التحديات اليومية المرتبطة بتتبع تنفيذ العقوبات البديلة، مشددًا على ضرورة خلق آليات واضحة وفعالة للمراقبة، وإحداث دورات تكوينية مستمرة للقضاة المكلفين بالملف. كما أشار رئيس المحكمة الابتدائية بالناظور إلى أهمية انخراط الجماعات الترابية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية في توفير فضاءات قابلة لاستيعاب العمل لفائدة المنفعة العامة، بما يضمن تنفيذ العقوبات في بيئة لائقة ومحفزة على الإصلاح. من جهته، أكد ممثل هيئة المحامين بالناظور والحسيمة على أن الهيئة مستعدة للانخراط في هذا الورش الوطني، من خلال مواكبة المحكوم عليهم وتوفير التأطير القانوني اللازم لهم.
عرف اللقاء نقاشاً مفتوحًا بين الحاضرين، طُرحت فيه العديد من الأسئلة والاقتراحات حول كيفية تفعيل هذه العقوبات وضمان نجاعتها، مع التركيز على ضرورة تطوير البنية التحتية القانونية والمؤسساتية لتيسير تنفيذها على أرض الواقع. واختُتم هذا اليوم الدراسي بجملة من التوصيات، من أبرزها الدعوة إلى تخصيص موارد بشرية مؤهلة، وتوفير برامج تكوين مستمر، وتعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين في منظومة العدالة، في أفق جعل العقوبات البديلة أداة فاعلة لتحقيق عدالة أكثر إنصافًا وإنسانية.