زحف هادئ للطلاق يهدد الأسر المغربية.. والمختصون يدقون ناقوس الخطر

أزري بريس – متابعة
تشهد المحاكم المغربية منذ أشهر تصاعداً لافتاً في عدد قضايا الطلاق والتطليق، في ظاهرة وُصفت بـ”الزحف الهادئ”، وسط صمت مجتمعي ثقيل وقلق متنامٍ داخل البيوت المغربية، التي باتت هشاشتها تتفجر بصمت.
فوفق معطيات رسمية، تواصل معدلات الطلاق منحاها التصاعدي منذ جائحة كورونا، لتتفاقم أكثر بعد سنة 2022، حيث باتت بعض محاكم الأسرة تسجل أرقاماً غير مسبوقة، تجاوزت عتبة 10 آلاف حالة طلاق سنوياً، في مدن مختلفة.
ولم تعد حالات الانفصال تقتصر على الأزواج الجدد أو العلاقات الهشة، بل طالت حتى أزواجاً راكموا سنوات طويلة من العشرة، تتراوح بين 10 و15 سنة، بل وحتى من تجاوزوا سنّ الخمسين، ما يعكس أزمة عميقة تهز بنية الأسرة المغربية.
وتُجمع شهادات متطابقة على أن أبرز أسباب الانفصال تتمثل في: الخيانة الزوجية، سواء الواقعية أو الرقمية، وانعدام التواصل بين الشريكين، إلى جانب الأوضاع الاقتصادية المزرية، وانتشار البطالة، فضلاً عن تأثير الفضاءات الرقمية التي تروج لعلاقات “مثالية” منفصلة عن الواقع، إضافة إلى تدخلات عائلية تُؤجج الخلافات بدلاً من احتوائها.
في هذا السياق، عبّر عدد من الأخصائيين الاجتماعيين عن قلقهم إزاء سهولة لجوء الأزواج، خصوصاً الشباب، إلى خيار الطلاق كحل أول وليس كآخر مخرج، دون المرور بمحطات المصارحة والإصلاح، حيث أصبحت عبارة “ما بقا ما يدار” ردًّا مألوفًا لتبرير الانفصال.
كما تحذر عدة أصوات من التداعيات الخطيرة لتفكك الأسر، خاصة على الأطفال الذين يتكبدون آثارًا نفسية واجتماعية عميقة، إضافة إلى ما يفرضه ذلك من أعباء إضافية على الدولة في مجالات الصحة، التعليم، والرعاية الاجتماعية.
في المقابل، بدأت بعض الجمعيات المهتمة بقضايا الأسرة بالدعوة إلى مراجعة مسطرة الصلح القضائي، من خلال تمديد مدتها الزمنية وإشراك وسطاء اجتماعيين متخصصين، عوض الاقتصار فقط على تدخل القاضي، على أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بنيات أسرية تئن تحت وطأة التفكك.