اقتصاد

سهل صبرة بين مطرقة الجفاف وسندان رفض الفلاحين: مشروع تحلية المياه في مهب الريح

ازري بريس – متابعة

يواجه مشروع تحلية مياه البحر، الذي كان من المفترض أن يكون طوق النجاة لأراضي سهل صبرة الفلاحية بإقليم الناظور، مأزقاً حقيقياً يهدد بفشله الكامل، بسبب رفض جماعي من الفلاحين المحليين لتحمل تكلفة مياه الري المحلاة، التي حُددت في ثلاثة دراهم للمتر المكعب، أي ضعف التسعيرة المعتمدة حالياً للري التقليدي.

في لقاء جمع ممثلين عن القطاع الفلاحي بعدد من الفلاحين، حاولت الجهات المعنية تقديم شروحات تقنية واقتصادية لتبرير السعر المقترح، والتأكيد على أن المشروع ليس ترفاً، بل ضرورة استراتيجية لمواجهة شح المياه وتغيرات المناخ. غير أن اللقاء لم ينجح في تبديد شكوك المعنيين، الذين يعتبرون التسعيرة عبئاً مالياً لا يمكن تحمله، خاصة بالنسبة لصغار الفلاحين.

ويُعد هذا الرفض عقبة مركزية في طريق المشروع، خصوصاً أن السلطات تشترط التزام 30 ألف هكتار على الأقل من الأراضي الفلاحية لضمان الجدوى الاقتصادية لمحطة التحلية، وهو شرط يبدو بعيد المنال في ظل موجة الاعتراض الحالية.

خطر التصحر يلوح في الأفق

يحذر خبراء من أن تعثر هذا المشروع قد يؤدي إلى تدهور سريع للنشاط الفلاحي في سهل صبرة، الذي يعتمد على زراعات شرهة للماء في منطقة تشهد تراجعاً متسارعاً في منسوب المياه الجوفية. وفي هذا السياق، لم تعد تحلية المياه مجرد خيار، بل ضرورة وجودية تفرضها التحولات البيئية العميقة.

ضرورة حوار جديد

المطلوب اليوم ليس فقط التمسك بالمشروع، بل إعادة بناء جسور الثقة مع الفلاحين من خلال حوار شفاف، وربما إعادة النظر في التسعيرة، أو التفكير في دعم الدولة للفئات المتضررة، لأن مستقبل الزراعة في صبرة لم يعد يحتمل التأجيل أو التجريب. فإما الانخراط الجماعي في مشروع يضمن البقاء، أو مواجهة مستقبل قاحل تهجر فيه الأرض أبناءها.

إن ناقوس الخطر قد دقّ فعلاً، وما لم يُسمَع صداه بسرعة، فالمشهد المقبل قد يكون عنوانه: “صبرة… الأرض التي عطشها العناد.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى