أخبار عامة

هدم جزئي لثكنة أزغنغان يفتح جراح الذاكرة: تاريخ مهمَل وآثار تواجه الانهيار

ازري بريس – عبد السلام بلغربي
في مشهدٍ يجمع بين الحتمية الأمنية والأسف التاريخي، شرعت السلطات المحلية صباح اليوم في تنفيذ عملية هدم جزئي لسور “ثكنة أزغنغان” العتيقة، بعد أن أصبحت جدرانها المتآكلة مصدر خطر على المارة وسكان الأحياء المجاورة، في ظل تشققات وتصدعات باتت تنذر بانهيار وشيك.

العملية التي تمت تحت إشراف باشا المدينة وبتنسيق مع قائدي الملحقتين الإداريتين الأولى والثانية، عرفت حضورًا تقنيًا وأمنيًا مكثفًا، حيث تم التعامل مع الأجزاء الأكثر تضررًا من السور المحيط بهذه المعلمة التاريخية، التي يعود بناؤها إلى سنة 1912، عقب قمع انتفاضة الشريف محمد أمزيان.

لم تكن هذه الثكنة مجرد منشأة عسكرية ضمن منظومة استعمارية، بل شكّلت معلمًا ذا حمولة رمزية قوية في تاريخ الريف. فحسب شهادات مؤرخين، كان للثكنة دور غير مباشر في إشعال شرارة التمرد العسكري بقيادة الجنرال فرانكو في إسبانيا، لتتحول إلى نقطة تقاطع بين الريف المقاوم والتاريخ الأوروبي المعاصر.

ورغم هذه الأهمية، عاشت الثكنة لعقود طويلة تحت وطأة الإهمال، دون أن تحظى بأي تصنيف ضمن لائحة المواقع التاريخية المحمية أو المؤهلة سياحيًا وثقافيًا، سواء على المستوى المحلي أو الوطني. وهو ما يثير استغراب المهتمين بالتراث، خاصة أن مدنًا عتيقة كفاس والرباط شهدت مبادرات ترميم مشابهة تحافظ على الذاكرة وتحولها إلى رافعة للتنمية.

جمعية “الذاكرة والمستقبل” وغيرها من الفاعلين المدنيين في أزغنغان سبق لهم أن طالبوا مرارًا بترميم هذا المعلم، دون أن تجد نداءاتهم صدى لدى الجهات المعنية. واليوم، وبين مطرقة السلامة العامة وسندان التهميش الثقافي، تتآكل قطعة من ذاكرة الناظور والريف، في انتظار رؤية متجددة تحفظ ما تبقى من شواهد التاريخ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى